فهرس الكتاب
الصفحة 255 من 335

فبيَّن لهما عليه السلام بطلان الشرك بقوله: (أَأَرْبَابٌ) أي: عاجزة ضعيفة لا تضرُّ ولا تنفع ولا تعطي ولا تمنع، وهي متفرقة ما بين أشجار وأحجار وملائكة وأموات وغير ذلك، (خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ) الذي له صفات الكمال ونعوت الجلال (الْوَاحِدُ) في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له (الْقَهَّارُ) الذي انقادت جميع الأشياء لقهره وسلطانه.

الموضع الثاني: في سياق بيان بطلان ما عليه المشركون من اتخاذ الأوثان والأنداد مع أنها لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً، ويتركون عبادة الله الواحد القهار وإخلاص الدين له.

قال الله تعالى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16] .

قال ابن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية مبيناً وجه دلالة اسم الله القاهر على بطلان الشرك:"فإنه لا توجد الوحدة والقهر إلا لله وحده، فالمخلوقات كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره، ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر للواحد القهار، فالقهر والتوحيد متلازمان متعيِّنان لله وحده، فتبين بالدليل العقلي القاهر، أن ما يُدعى من دون الله ليس له شيء من خلق المخلوقات، وبذلك كانت عبادته باطلة" (1) .

الموضع الثالث: في سياق التهديد والوعيد للكفار المشركين بالهلاك وحلول النقمة بهم يوم يبرزون لله الواحد القهار مسلسلين بالأصفاد من النار وعليهم ثياب من قطران وتغشى وجوههم النار.

(1) "تيسير الكريم الرحمن" (ص/415) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام