فهرس الكتاب
الصفحة 248 من 335

والجبار له ثلاثة معانٍ:

الأول: بمعنى القهار، كما تقدم.

الثاني: يرجع إلى لطف الرحمة والرأفة، فهو الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير، وييسر العسير، ويجبر المريض والمصاب بتوفيقه للصبر وتيسير المعافاة له، مع تعويضه على مصابه أعظم الأجر، ويجبر جبراً خاصاً قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله، وقلوب المحبين له الخاضعين لكماله، الراجين لفضله ونواله، بما يفيضه على قلوبهم من المحبة وأنواع المعارف والتوفيق الإلهي، والهداية والرشاد، وقول الداعي:"اللهم اجبرني"يراد به هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره والشرور عنه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين:"اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني"رواه الترمذي، وابن ماجه (1) .

الثالث من معاني الجبار: أي: العلي على كل شيء، الذي له جميع معاني العلو: علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر.

وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يعظم ربه في ركوعه وسجوده بذكر جبروت الله عز وجل الدال عليه اسمه الجبار، ففي"المسند"، و"السنن"عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال:"قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمةٍ إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوَّذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة" (2) .

(1) "جامع الترمذي" (رقم: 284) ، و"سنن ابن ماجه" (رقم: 898) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني.

(2) رواه الإمام أحمد (6/ 24) ، وأبو داود (رقم: 873) ، والنسائي (رقم: 1132) وغيرهم. وصححه الألباني.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام