ومعنى"المبين"أي: المبين لعباده سبيل الرشاد، الموضح لهم الأعمال الصالحة التي ينالون بها الثواب، والأعمال السيئة التي ينالون عليها العقاب، قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) .
ومن معاني"المبين"أي: البين أمره في الوحدانية، فهو الإله الحق المبين لا شريك له.
هذا؛ وقد نوَّع تبارك وتعالى في كتابه الدلائل والبراهين والحجج والبينات على أنه الإله الحق لا شريك له، وأن ألوهيَّة من سواه باطل وضلال، وزيغ وانحلال (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [الحج: 62] .
وقوله: (ذَلِكَ) أي: الذي بين لكم من عظمته وصفاته ما بين (هُوَ الْحَقُّ) هو المعبود بحق، ولا معبود بحق سواه، الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، ودينه حق، ورسله حق، ووعده حق، ووعيده حق، ولقاؤه وعبادته حق.
وقوله: (وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) أي: الذي هو باطل في نفسه، وعبادته باطلة من الأصنام والأنداد، ومن الحيوانات والجمادات؛ لأنها كلها مضمحلة زائلة، لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورا، فضلاً عن أن تملك شيئاً من ذلك لغيرها، ولولا إيجاد الله لها وإمداده لها لما بقيت، فعبادة من هذا شأنه أبطل الباطل، وأضل الضلال.
ومن أنواع الدلائل والحجج التي ذكر الله في القرآن لبيان أنه المعبود بحق ولا معبود بحق سواه ما يلي:
1 -تفرُّدُه تبارك وتعالى بالربوبية لا شريك له، فهو الخالق وحده، الرازق وحده، المنعم وحده، المتصرِّف في هذا الكون وحده لا شريك له في شيء من ذلك، فهو الرب الحق لا شريك له.