ولفظ"الكرم"لفظ جامع للمحاسن والمحامد، لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه، ولذا ورد عن أهل العلم في معنى هذا الاسم أقوال عديدةٌ، فقيل: معناه: أي: كثير الخير والعطاء، وقيل: الدائم بالخير، وقيل: الذي له قدر عظيم وشأن كبير، وقيل: أي: المنزَّه عن النقائص والآفات، وقيل: معناه: المكرم المنعم المتفضل، وقيل: الذي يعطي لا لعوض، وقيل: الذي يعطي لغير سبب، وقيل: الذي يعطي من يحتاج ومن لا يحتاج، وقيل: الذي إذا وعد وفّى، وقيل: الذي ترفع إليه كل حاجة صغيرة أو كبيرة، وقيل: الذي لا يضيع من التجأ إليه، وقيل في معناه: الذي يتجاوز عن الذنوب ويغفر السيئات، إلى غير ذلك مما قيل في معنى هذا الاسم العظيم، وكل ذلك حقّ، لأن هذا الاسم من الأسماء الحسنى الدالة على معانٍ عديدة لا على معنى مفرد، وإذا اعتبرت جميع ما قيل في معنى هذا الاسم علمت أن الذي وجب لله تعالى من ذلك لا يحصى من جلائل المعاني وكرائم الأوصاف.
فإذا قلنا: الكريم: هو الكثير الخير والعطاء؛ فمن أكثر خيراً من الله؛ لعموم قدرته وسعة عطائه، بل الخير كله في يديه.
وإذا قلنا: إنه الدائم بالخير؛ فذلك بالحقيقة لله وحده، فإن كل شيء ينقطع إلا الله وإحسانه، فإنه دائم متَّصل في الدنيا والآخرة.
وإذا قلنا: إن الكريم هو الذي له قدر عظيم وشأن كبير؛ فالله جل وعلا لا يقدر قدره ولا يدرك العباد كنه صفاته وكمال نعوته.
وإذا قلنا: إن الكريم هو المنزّه عن النقائص والآفات فهو الله وحده بالحقيقة القدوس السلام، الذي لا يلحق النقصُ شيئاً من صفاته، المنزه عن النقائص والعيوب.
وإذا قلنا: إن الكريم معناه المكرم المنعم المتفضل؛ فمن المكرم المنعم المتفضل إلا الله وحده، الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وخزائن كل شيء، والفضل كله بيده، يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يكرمه الله فمن الذي يكرمه (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [الحج: 18] .