وأمَّا"المقيت"فقد ورد في موضع واحد، وهو قوله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا) [النساء: 85] ، قيل في معناه: الذي أوصل إلى كل الموجودات ما به تقتات، وأوصل إليها أرزاقها، وصرّفها كيف يشاء بحكمته وحمده، أي: أنه سبحانه هو الذي ينزل الأقوات للخلق ويقسم أرزاقهم صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم، قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود: 6] ، وكل هذه الأرزاق والأقوات قدرها سبحانه عند خلقه للأرض، قال تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) [فصلت: 10] ، أي: قدر فيها ما يحتاجه أهلها من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس وما يصلح لمعاشهم من التجارات والأشجار والمنافع.
وذكر في معنى"المقيت"معانٍ أخرى، قال ابن كثير رحمه الله:"وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا) [النساء: 85] ، قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوراق: (مُقِيتًا) أي: حفيظاً، وقال مجاهد: شهيداً، وفي رواية عنه: حسيباً، وقال سعيد بن جبير والسدِّي وابن زيد: قديراً، وقال عبد الله بن كثير: المقيت: الواصب، وقال الضحاك: المقيت: الرزاق" (1) .
ولا يمنع أن يكون هذا الاسم متناولاً لجميع هذه المعاني، بأن يكون معناه: الذي أحاط علماً بالعباد وأحوالهم، وما يحتاجون إليه، وأحاط بهم قدرة، فهو على كل شيء قدير، وتولى حفظهم ورزقهم وإمدادهم، الذي بقيت الأبدان بالأطعمة والأرزاق، وبقيت قلوب من شاء من عباده بالعلم والإيمان، كما قيل:
فقوت الروح أرواح المعاني ... وليس بأن طعمت وأن شربتا
وأما"الواسع"فقد تكرّر في عدة مواضع من القرآن، قال تعالى: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 247] ، وقال تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 115] .
(1) "تفسير ابن كثير" (2/ 324) . وينظر:"تفسري الطبري" (7/ 272) .