فهرس الكتاب
الصفحة 152 من 335

النوع الثاني: أنه لا يستحق أحدٌ التعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذل له والخوف منه، ومن تعظيمه سبحانه أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من خلقه أو على شيء من شرعه، ومن تعظيمه تعظيم ما عظمه واحترمه من زمان ومكان وأشخاص وأعمال، والعبادة روحها تعظيم الباري وتكبيره؛ ولهذا شرعت التكبيرات في الصلاة في افتتاحها وتنقلاتها ليستحضر العبد معنى تعظيمه في هذه العبادة التي هي أجلّ العبادات.

بل إن التكبير مصاحب للمسلم في عبادات عديدة وطاعات متنوعة، فالمسلم يكبِّر الله عندما يكمل عدّة الصيام، كما قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185] ، ويكبّر الله في الحج، قال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحج: 37] .

وبهذا تتبيّن مكانة التكبير وجلالة قدره، وعظم شأنه من الدّين، والتكبير يراد به أن يكون الله عند العبد أكبر من كلّ شيء، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم:"ما يُفِرُّكَ أن تقول لا إله إلا الله، فهل تعلمُ مِن إلهٍ سوى الله؟ قال: قلتُ: لا. قال: ثم تكلم ساعةً، ثم قال: إنما تَفِرُّ أن تقول الله أكبر، وتعلمُ شيئاً أكبرَ من اللهِ؟ قال: قلت: لا"الحديث. رواه أحمد والترمذي وابن حبان (1) .

وبه يتبين معنى (الله أكبر) أي من كلِّ شيء، فلا شيء أكبر ولا أعظم منه، ولهذا يقال: إنَّ أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال هي: الله أكبر، أي صِفهُ بأنه أكبرُ من كلِّ شيء، وأعتقدُ أنه أكبر من كل شيء.

(1) "مسند الإمام أحمد" (4/ 378) ، و"جامع الترمذي" (رقم: 2953) - واللفظ له-، و"صحيح ابن حبان" (رقم: 7206) وغيرهم. وحسّنه الترمذي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام