وفي ذلك أيضاً ترغيبٌ في الوفاء بذلك، وترهيب من عدم الوفاء.
وختم به قوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 110] ، وهذا فيه وعد منه سبحانه أن لا يضيع عنده شيء من أعمال الخير التي قدموها لأنفسهم، وأنه بصير بهم وسيثيبهم على ذلك عظيم الثواب.
وبهذه الأمثلة يعلم أنَّ استحضار العبد لكون الله سبحانه بصيراً به مطَّلعاً عليه يفيده فائدة عظيمة في جانبي الترغيب والترهيب، كما هو واضح في الأمثلة المتقدمة، فإذا أ؛ سن العبد في عبادته لربه ومجانبته لمعاصيه مستحضراً رؤية الله له واطلاعه عليه، فهذا مقام الإحسان، وهو أعلى مقامات الدين كما قال عليه الصلاة والسلام في بيان حقيقة الإحسان:"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وكم من شخص كف عن مقارفة المعاصي وغشيان الذنوب لاستحضاره رؤية الله له.
قال ابن رجب رحمه الله:"راود رجل امرأة في فلاة ليلاً، فأبت، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب، قالت: فأين مكوكبُها؟!" (1) . أي: ألا يرانا، قال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق: 14] ، وكفى بها زاجراً ورادعاً.
(1) "شرح كلمة الإخلاص" (ص/49) .