وقوله: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا) أي: يرزقه بناتٍ فقط ليس معهن ذكور، وقوله: (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) أي: يرزقه البنين فقط ليس معهم إناث، وقوله: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) أي: يجمع لمن شاء الذكور والإناث في العطاء، وقوله: (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا) أي: لا يولدُ له أصلاً.
فقسَّم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام: منهم مَن يُعطيه البنات، ومنهم مَن يُعطيه البنين، ومنهم مَن يعطيه من النوعين ذكوراً وإناثاً، ومنهم من يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيماً لا نسلَ له ولا يولد له.
ومَن منَّ الله عليه بالولد وأكرمه بصلاحه عليه أن يحمد الوهاب سبحانه على إفضاله وإنعامه كما ذكر الله تعالى ذلك عن نبيِّه إبراهيم عليه السلام في قوله سبحانه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [إبراهيم: 39] .
والحمد نفسه هبة تحتاجُ إلى حمد، روى ابن أبي الدنيا في كتاب"الشكر" (1) عن بكر بن عبد الله المزني قال:"ما قال عبدٌ قط: الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقوله: الحمد لله، فما جزاء تلك النعمة؟ جزاؤها أن يقول: الحمد لله، فجاءت أخرى، ولا تنفد نعم الله عز وجل".
ولذا قال الشافعي رحمه الله:"الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه إلاَّ بنعمة حادثة توجب شكره عليها".
فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، حمداً لا ينقطع ولا يبيد ولا يفنى عدد ما حمده الحامدون، له الحمد شكراً، وله المنّ فضلاً، بيده الأمر في الآخرة والأولى.
(1) (رقم: 7، 99) .