(ف) : وقوله: { تنزيل من رب العالمين } قال ابن كثير: هذا القرآن منزل من رب العالمين وليس كما يقولون إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه، وليس وراءه حق نافع.وفي هذه الآية: أنه كلام الله تكلم به.
قال ابن القيم رحمه الله: ونظيره: ' 32: 13 ' { ولكن حق القول مني } وقوله: ' 16: 102 ' { قل نزله روح القدس من ربك بالحق } هو إثبات علو الله تعالى على خلقه. فإن النزول والتنزيل الذي تعقله العقول وتعرفه الفطر هو وصول الشيء من أعلى إلى أسفل ولا يرد عليه قوله: ' 39: 6 ' { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } لأنا نقول: إن الذي أنزلها فوق سماواته. فأنزلها لنا بأمره.
قال ابن القيم رحمه الله: وذكر التنزيل مضافاً إلى ربوبيته للعالمين المستلزمة لملكه لهم وتصرفه فيهم، وحكمه عليهم، وإحسانه إليهم، وإنعامه عليهم، وأن من هذا شأنه مع الخلق كيف يليق به مع ربوبيته التامة أن يتركهم سدى، ويدعهم هملاً، ويخلقهم عبثاً. لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يثيبهم ولا يعاقبهم؟ فمن أقر بأنه رب العالمين أقر بأن القرآن تنزيله على رسوله. واستدل بكونه رب العالمين على ثبوت رسالة رسوله وصحة ما جاء به، وهذا الاستدلال أقوى وأشرف من الاستدلال بالمعجزات والخوارق. وإن كانت دلالتها أقرب إلى أذهان عموم الناس. وذلك إنما تكون لخواص العقلاء.
(ق) : قوله: { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } ، الاستفهام للإنكار والتوبيخ، والحديث: القرآن، والمدهن: الخائف من غيره الذي يحابيه بقوله وفعله.
والمعنى: أتدهنون بهذا الحديث وتخافون وتستخفون؟! لا ينبغي لكم هذا، بل ينبغي لمن معه القرآن أن يصدع به وأن يبينه ويجاهد به، قال تعالى { وجاهدهم به جهادا كبيرا } (الفرقان: 52) .
(ف) : قال مجاهد: أتريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم؟.