باب النهي عن سب الريح
(تم) : الريح مخلوق من مخلوقات الله مسخر، وهي واحدة الرياح، يجريها الله -جل وعلا- كما يشاء، وهي كالدهر لا تملك شيئا، ولا تدبر أمرا.
فسب الريح كسب الدهر، يرجع في الحقيقة إلى أذية الله -جل وعلا-؛ لأن الله هو الذي يصرف الريح كيف يشاء، فيجعل الريح تأتي بأمر مكروه، ليُذكِّر العباد بالتوبة والإنابة، ويذكر بمعرفة قدرته عليهم، وأنه لا غنى لهم عنه -جل وعلا- طرفة عين، وهو الذي يجعل الرياح بشراً، فيسخرها -جل وعلا- لما فيه مصلحة العباد.
فهذا الباب عقده لبيان تحريم سب الريح، كما عقد ما قبله لبيان أن سب الدهر لا يجوز ومحرم؛ لأنه أذية لله -جل وعلا-، وهذا الباب من جنس ذاك، لكن هذا يكثر وقوعه، فأفرده لكثرة وقوعه، وللحاجة إلى التنبيه عليه.
قوله: بابٌ: [النهي عن سب الريح] ، النهي للتحريم، وسب الريح يكون بشتمها، أو بلعنها، وكما ذكرنا في باب الدهر، فإنه ليس من سبها أن توصف بالشدة كقول الله -جل وعلا-: { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ - سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } (الحاقة: 6-7) فهذا وصف للريح بالشدة ومثل ذلك وصفها بالأوصاف التي يكون فيها شر على من أتت عليه، كقوله: { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } (الذاريات: 42) فمثل هذا ليس من المنهي عنه.
(ق) : قوله (الريح) . الهواء الذي يصرفه الله - - عز وجل - -، وجمعه رياح.
وأصولها أربعة: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب، وما بينهما يسمى النكباء، لأنها ناكبة عن الاستقامة في الشمال، أو الجنوب، أو الشرق، أو الغرب.