باب ما جاء في منكري القدر
(ق) : قوله: (منكري) . أصله منكرين - جمع مذكر سالم - فحذفت النون للإضافة كما يحدث التنوين أيضا، قال الشاعر:
كأني تنوين وأنت إضافة…… فأين تراني لا تحل جواري
وقيل: (مكاني) بدل (جواري) .
قوله: (القدر) هو تقدير الله - - عز وجل - - للكائنات، وهو سر مكتوم لا يعلمه إلا الله أو من شاء من خلقه.
قال بعض أهل العلم: القدر سر الله - - عز وجل - - في خلقه، ولا نعلمه إلا بعد وقوعه سواء كان خيرا أو شرا.
والقدر يطلق على معنيين:
الأول: التقدير، أي: إرادة الله الشيء -- عز وجل --.
الثاني: المُقدّر، أي: ما قدره الله -- عز وجل --.
والتقدير يكون مصاحبا للفعل وسابقا له، فالمصاحب للفعل هو الذي يكون به الفعل، والسابق هو الذي قدره الله - - عز وجل - - في الأزل، مثال ذلك:
خلق الجنين في بطن الأم فيه تقدير سابق علمي قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وفيه تقدير مقارن للخلق والتكوين، وهذا الذي يكون به الفعل، أي: تقدير الله لهذا الشيء عند خلقه.
والإيمان بالقدر يتعلق بتوحيد الربوبية خصوصا، وله تعلق بتوحيد الأسماء والصفات، لأنه من صفات الكمال لله - عز وجل -.
والناس في القدر ثلاثة طوائف:
الأولى: الجبرية الجهمية، اثبتوا قدر الله تعالى وغلوا في إثباته حتى سلبوا العبد اختياره وقدرته، وقالوا: ليس للعبد اختيار ولا قدرة في ما يفعله أو يتركه، فأكله وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها بغير اختيار منه ولا قدرة، ولا فرق بين أن ينزل من السطح عبر الدرج مختارا وبين أن يلقى من السطح مكرها.