باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله
(تم) : (باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله ) الصبر من المقامات العظيمة والعبادات الجليلة التي تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح، وحقيقة العبودية لا تثبت إلا بالصبر؛ لأن العبادة أمر شرعي أو نهي شرعي أو ابتلاء بأن يصيب الله العبد بمصيبة قدرية فيصبر عليها.
فحقيقة العبادة أن يمتثل الأمر الشرعي، وأن يجتنب النهي الشرعي، وأن يصبر على المصائب القدرية التي ابتلى الله -جل وعلا- العباد بها؛ فالابتلاء حاصل بالدين، وحاصل بالأقدار، فبالدين كما قال -جل وعلا- لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الله تعالى: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك) (1) . فحقيقة بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- الابتلاء، والابتلاء يجب معه الصبر، والابتلاء الحاصل ببعثته بالأوامر والنواهي.
فالواجبات تحتاج إلى صبر، والمنهيات تحتاج إلى صبر، والأقدار الكونية تحتاج إلى صبر،... ولما كان الصبر على المصائب قليلا، أفرد له الشيخ -رحمه الله - تعالى هذا الباب لبيان أنه من كمال التوحيد، ومن الواجب على العبد أن يصبر على أقدار الله ؛ لأن تسخط العباد وعدم صبرهم، كثيرا ما يظهر في حال الابتلاء بالمصائب، فعقد هذا الباب لبيان أن الصبر واجب على أقدار الله المؤلمة، ونبه بذلك على أن الصبر على الطاعة واجب، وأن الصبر عن المعصية واجب.
(1) مسلم (2865) ، وأحمد (4/162) .