باب قوله تعالى:
{ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران: 154]
(تم) : مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أن الله -جل وعلا- موصوف بصفات الكمال، وله -جل وعلا- أفعال الحكمة، وأفعال العدل، وأفعال الرحمة والبر، فهو سبحانه كامل في أسمائه، كامل في صفاته، كامل في ربوبيته، ومن كماله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته أنه لا يفعل الشيء إلا لحكمة بالغة، والحكمة: هي أنه -جل وعلا- يضع الأمور في مواضعها التي توافق الغايات المحمودة منها، وهذا دليل الكمال، فالله -جل وعلا- له صفات الكمال، وله نعوت الجلال والجمال.
فلهذا وجب لكماله -جل وعلا- أن يُظن به ظن الحق، وألا يُظن به ظن السوء، وأن يُعتقد فيه ما يجب لجلاله -جل وعلا- من تمام الحكمة، وكمال العدل، وكمال الرحمة، وكمال أسمائه وصفاته -- سبحانه وتعالى --، فالذي يظن به -جل وعلا- أنه يفعل الأشياء لا عن حكمة، فإنه قد ظن به ظن النقص، وهو ظن السوء الذي ظنه أهل الجاهلية.