باب ما جاء في التطير
(ف) : قوله: (باب: ما جاء في التطير) : أي من النهي عنه والوعيد فيه، مصدر تطير يتطير، والطيرة بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تسكن اسم مصدر من تطير طيرة، كما يقال تخير خيرة، ولم يجيء في المصادر على هذه الزنة غيرهما، وأصله التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشارع وأبطله، وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع ولا دفع ضر.
قال المدائني سألت رؤبه بن العجاج قلت: ما السانح؟ قال: ما ولاك ميامنه. قلت: فما البارح؟ قال: ما ولاك مياسره. والذي يجيء من أمامك فهو الناطح والنطيح، والذي يجيء من خلفك فهو القاعد والقعيد.
ولما كانت الطيرة من الشرك المنافي لكمال التوحيد الواجب لكونها من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته ذكرها المصنف رحمه الله في كتاب التوحيد تحذيراً مما ينافي كمال التوحيد الواجب.
(ق) : تعريف التطير: في اللغة: مصدر تطير، وأصله مأخوذ من الطير؛ لأن العرب يتشاءمون أو يتفاءلون بالطيور على الطريقة المعروفة عندهم بزجر الطير، ثم ينظر: هل يذهب يميناً أو شمالاً أو ما أشبه ذلك، فإن ذهب إلى الجهة التي فيها التيامن؛ أقدم، أو فيها التشاؤم؛ أحجم.
أما في الاصطلاح؛ فهي التشاؤم بمرئي أو مسموع، وهذا من الأمور النادرة؛ لأن الغالب أن اللغة أوسع من الاصطلاح؛ لأن الاصطلاح يدخل على الألفاظ قيوداً تخصصها، مثل الصلاة لغة: الدعاء، وفي الاصطلاح أخص من الدعاء، وكذلك الزكاة وغيرها.
وإن شئت؛ فقل التطير: هو التشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو معلوم.
بمرئي مثل: لو رأى طيراً فتشاءم لكونه موحشاً.
أو مسموع مثل: من هم بأمر فسمع أحداً يقول لآخر: يا خسران، أو يا خائب؛ فيتشاءم.
أو معلوم؛ كالتشاؤم ببعض الأيام أو بعض الشهور أو بعض السنوات؛ فهذه لا تُرى ولا تسمع.