واعلم أن التطير ينافي التوحيد، ووجه منافاته له من وجهين:
الأول: أن المتطير قطع توكله على الله واعتمد على غير الله .
الثاني: أنه تعلق بأمر لا حقيقة له، بل هو وهم وتخييل؛ فأي رابطة بين هذا الأمر، وبين ما يحصل له، وهذا لا شك أنه يخل بالتوحيد؛ لأن التوحيد عبادة واستعانة، قال تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (الفاتحة: 5) ، وقال تعالى: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } (هود: من الآية123) .
فالطيرة محرمة، وهي منافية للتوحيد كما سبق، والمتطير لا يخلو من حالين:
الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم.
الثاني: أن يمضي لكن في قلق وهم وغم يخشى من تأثير هذا المتطير به، وهذا أهون.
وكلا الأمرين نقص في التوحيد وضرر على العبيد، بل انطلق إلى ما تريد بانشراح صدر وتيسير واعتماد على الله - - عز وجل - -، ولا تسيء الظن بالله - - عز وجل - -.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول الله تعالى: { أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ الله وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } (الأعراف: من الآية131) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب آيتين:
الآية الأولى: قوله تعالى: { ألا إنما طائرهم عند الله } : هذه الآية نزلت في قوم موسى كما حكى الله عنهم في قوله: { وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ } (الأعراف: من الآية131) ، قال الله تعالى: { ألا إنما طائرهم عند الله } ، ومعنى: { يطيروا بموسى ومن معه } : أنه إذا جاءهم البلاء والجدب والقحط قالوا: هذا من موسى وأصحابه؛ فأبطل الله هذه العقيدة بقوله: { ألا إنما طائرهم عند الله } .
قوله: { ألا إنما طائرهم عند الله } . { ألا } : أداة استفتاح تفيد التنبيه والتوكيد، و { إنما } : أداة حصر.