باب ما جاء في السحر
(تم) : هذا (( باب ما جاء في السحر ) )ومناسبة ذكر السحر لكتاب التوحيد أن السحر نوع من الشرك، وقد قال -عليه والصلاة والسلام-: (من سحر فقد أشرك) فالسحر أحد أنواع الشرك الأكبر بالله -جل وعلا- فمناسبته ظاهرة لأنه مضاد لأصل التوحيد.
والسحر في اللغة هو: عبارة عن ما خفي ولطف، سببه، ومعنى خفي: صار سبب ذلك الشيء خفيا، لا يقع بظهور، وإنما يقع على وجه الخفاء؛ ولهذا سمي آخر الليل سحرا لذلك. وكذلك قيل في أكلة آخر الليل: سحور وذلك؛ لأنها تقع على وجه الخفاء وعدم الاشتهار والظهور من الناس.
فهذه اللفظة: سحر وما اشتقت منه تدل على خفاء في الشيء؛ ولهذا فإنه في اللغة يطلق السحر على أشياء كثيرة: منها ما يكون من جهة المقال، ومنها ما يكون من جهة الفعل، ومنها ما يكون من جهة الاعتقاد، وسيأتي في هذا الباب وفي الباب الذي بعده (( باب بيان شيء من أنواع السحر ) )ما يتصل بذلك، وأما السحر الذي هو كفر وشرك أكبر بالله -جل وعلا- فهو استخدام الشياطين والاستعانة بها لحصول أمر بواسطة التقرب لذلك الشيطان بشيء من أنواع العبادة.
والسحر عرفه الفقهاء بقولهم: رقى وعزائم وعقد ينفث فيها فيكون سحرا يضُرُّ حقيقة، ويمرض حقيقة، ويقتل حقيقة، فحقيقة السحر إذاً أنه استخدام للشياطين في التأثير، ولا يمكن للساحر أن يصل إلى إنفاذ سحره حتى يكون متقربا إلى الشياطين، فإذا تقرب إليها خدمته شياطين الجن بأن أثرت في بدن المسحور، فلكل ساحر خادم من الشياطين يخدمه، ولكل ساحر مستعان به من الشياطين، فلا يمكن للساحر أن يكون ساحرا على الحقيقة إلا إذا تقرب إلى الشياطين؛ ولهذا فإن السحر شرك بالله -جل وعلا-.