باب قوله تعالى:
{ أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً }
(النساء: 60)
(تم) : هذا الباب من الأبواب العظيمة المهمة في هذا الكتاب؛ وذلك لأن إفراد الله -جل وعلا - بالوحدانية في ربوبيته وفي ألوهيته يتضمن، ويقتضي، ويستلزم جميعاً أن يفرد في الحكم، فكما أنه -جل وعلا - لا حكم إلا حكمه في ملكوته، فكذلك يجب أن يكون لا حكم إلا حكمه، فيما يتخاصم فيه الناس، وفي الفصل بينهم، فالله -جل وعلا - هو الحكم، وإليه الحكم -سبحانه قال -جل وعلا - { فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ } (غافر: من الآية12) وقال- جل وعلا-: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } (الأنعام: من الآية57) فتوحيد الله -جل وعلا - في الطاعة، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله لا يكون إلا بأن يكون العباد محكمين لما أنزل الله -جل وعلا - على رسوله.
فترك تحكيم ما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بحكم الجاهلية، أو بحكم القوانين، أو بحكم سواليف البادية، أو بكل حكم مخالف لحكم الله -جل وعلا - هذا من الكفر الأكبر بالله -- جل جلاله -- ومما يناقض كلمة التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله .
وقد عقد الشيخ -رحمه الله - هذا الباب؛ ليبين أن الحكم بما أنزل الله فرض، وأن ترك الحكم بما أنزل الله وتحكيم غير ما أنزل الله في شؤون المتخاصمين، وتنزيل ذلك منزلة القرآن أن ذلك شرك أكبر بالله -جل وعلا- وكفر مخرج من ملة الإسلام.
قال الإمام الشيخ a بن إبراهيم -رحمه الله - في أول رسالته تحكيم القوانين: