فهرس الكتاب
الصفحة 1221 من 1408

باب ما جاء في الـ (لو)

(تم) : قلب الموحد المؤمن لا يكون محققا مكملا للتوحيد حتى يعلم أن كل شيء بقضاء الله -جل وعلا- وبقدره، وأن ما فعله سبب من الأسباب، والله -جل وعلا- ماضٍ قدره في خلقه، وأنه مهما فعل فإنه لن يحجز قدر الله -جل وعلا-.

فإذا كان كذلك كان القلب معظِّما لله -جل وعلا- في تصرفه، في ملكوته، وكان القلب لا يخالطه تَمَني أن يكون شيء فات على غير ما كان، وأنه لو فعل كذا لتغير ذلك السابق، بل الواجب أن يعلم أن قضاء الله نافذ، وأن قدره ماضٍ، وأن ما سبق من الفعل قد قدره الله -جل وعلا- وقدر نتائجه.

فالعبد لا يمكنه أن يرجع إلى الماضي فيغيره، وإذا استعمل لفظ"لو"أو لفظ"ليت"، وما أشبهها من الألفاظ التي تدل على الندم وعلى التحسر على ما فات، فإن ذلك يضعف القلب، ويجعله متعلقاً بالأسباب، منصرفا عن الإيقان بتصريف الله -جل وعلا- في ملكوته.

وكمال التوحيد إنما يكون بعدم الالتفات إلى الماضي، فإن الماضي الذي حصل إما أن يكون مصيبة أصيب بها العبد، فلا يجوز له أن يقول: لو فعلت كذا لما حصل كذا. بل الواجب عليه أن يصبر على المصيبة، وأن يرضى بفعل الله -جل وعلا-، ويستحب له الرضا بالمصيبة.

وإذا كان ما أصابه في الماضي معصية، فإن عليه أن يسارع في التوبة والإنابة، وألا يقول لو كان كذا لم يكن كذا، بل يجب عليه أن يسارع في التوبة والإنابة، حتى يمحو أثر المعصية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام