فتبين أن ما مضى من المقدر للعبد معه حالان: إما أن يكون ذلك الذي مضى مصائب فحالها كما ذكرنا، وإما أن يكون معايب ومعاصي، فالواجب عليه أن ينيب، وأن يستغفر، وأن يُقبل على الله -- جل جلاله -- وقد قال سبحانه: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } (طه: 82) .والشيطان يدخل على القلب، فيجعله يسيء الظن بربه -جل وعلا- وبقضائه وبقدره، وإذا دخلت إساءة الظن بالله ضعف التوحيد، ولم يحقق العبد ما يجب عليه من الإيمان بالقدر، والإيمان بأفعال الله - - جل جلاله - -، ولهذا عقد المصنف هذا الباب، لأن كثيرين يعترضون على القدر من جهة أفعالهم، ويظنون أنهم لو فعلوا أشياء لتغير الحال، والله -جل وعلا- قد قدر الفعل، وقدر نتيجته، فالكل موافق لحكمته - سبحانه وتعالى -.
(ق) : قوله: في (اللو) .
دخلت (أل) على (لو) وهي لا تدخل إلا على الأسماء، قال ابن مالك:
بالجر والتنوين والندا وأل…… ومسند للاسم تمييز حصل (1)
لأن المقصود بها اللفظ، أي: باب ما جاء في هذا اللفظ.
والمؤلف رحمه الله جعل الترجمة مفتوحة ولم يجزم بشيء، لأن (لو) تستعمل على عدة أوجه:
الوجه الأول: أن تستعمل في الاعتراض على الشرع، وهذا محرم، قال الله تعالى: { لو أطاعونا ما قتلوا } (آل عمران: 168) في غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلا اعترض المنافقون على تشريع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، فرأينا خير من شرع a، وهذا محرم يصل إلى الكفر.
(1) انظر ألفية ابن مالك ص (3) .