باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
(تم) : بين الشيخ -رحمه الله - فيما سبق من الأبواب أصولاً عظيمة وأقام البراهين على التوحيد، وبيَّن ما يتعلق به المشركون، وأبطل أصول اعتقادهم بالشريك، أو الظهير، أو الشفيع، ونحو ذلك.
فإذا كان التوحيد ظاهراً والأدلة عليه من النصوص بينة فكيف -إذاً- دخل الشرك؟ وكيف وقع الناس فيه والأدلة على انتفائه، وبطلانه وعدم جوازه، ظاهرة؟! مع أن الرسل جميعا بعثوا ليُعْبَد الله وحده دون ما سواه كما قال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى الله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ } (النحل: من الآية36) .
فما سبب الغواية؟ وما سبب الشرك؟ فإذا كانت قضية التوحيد من أوضح الواضحات، والأبواب السالفة دالة بظهور ووضوح على وجوب إحقاق عبادة الله وحده، وعلى إبطال عبادة كل من سوى الله -- جل جلاله --، وتقدست أسماؤه- فما سبب وقوع الشرك - إذاً -؟! وكيف وقعت فيه الأمم؟وللأجوبة على هذه الأسئلة أورد الشيخ -رحمه الله - هذا الباب، وما بعده ليبين أن سبب الشرك، وسبب الكفر هو الغلو الذي نهى الله -جل وعلا- عنه، ونهى عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - سواء في هذه الأمة، أو في الأمم السابقة فأحد أسباب وقوع الكفر والشرك هو الغلو في الصالحين، بل هو سببهما الأعظم.
قال هنا: باب { ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين } ، هذا ذكر للأسباب بعد ذكر الأصول والعقائد.
(ق) : قوله: { سبب كفر بني آدم } ، السبب في اللغة: ما يتوصل به إلى غيره، ومنه قوله تعالى: { فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ } (الحج: من الآية15) ؛ أي: بشيء يوصله إلى السماء.