ومنه أيضا سمي الحبل سببا؛ لأنه يتوصل به إلى استسقاء الماء من البئر.
و أما في الاصطلاح عند أهل الأصول؛ فهو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.
أي: إذا وجد السبب وجد المسبب، وإذا عدم السبب عدم المسبب؛ إلا أن يكون هناك سبب آخر يثبت به المسبب.
قوله: (بني آدم) ، يشمل الرجال والنساء؛ لأنه إذا قيل: بنو فلان، وهم قبيلة: شمل ذكورهم وإناثهم، أما إذا قيل: بنو فلان، أي رجل معين؛ فالمراد بهم الذكور.
قوله: (وتركهم) ، يعني: وسبب تركهم.
قوله: (دينهم) ، مفعول ترك؛ لأن ترك مصدر مضاف إلى فاعله، و (دينهم) يكون مفعولاً به.
قوله: (هو الغلو) ، هذا الضمير يسمى ضمير الفصل، وهو من أدوات التوكيد، والغلو: خبر لأن ضمير الفصل على القول الراجح ليس له محل من الإعراب.
والغلو: هو مجاوزة الحد في الثناء مدحاً أو قدحاً.
والقدح: يسمى ثناء، ومنه الجنازة التي مرت فأثنوا عليها شراً (1)
والغلو هنا: مجاوزة الحد في الثناء مدحاً.
(تم) : وقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (لما رمى الجمرات بحصيات قال: بمثل هذه فارموا وإياكم والغلو) يعني لا تجاوزوا الحد حتى في حجم تلك الحصاة، ومقدارها، ولذلك أرشدهم إلى الحجم الذي ينبغي أن تكون عليه بقوله: (بمثل هذه فارموا) . فإذا جاوزت في المثلية بأن رمى بكبيرة، فإنه قد غلا يعني: جاوز الحد الذي حُدَّ له في ذلك، فالغلو -إذاً- هو مجاوزة الحد.
والمقصود: بـ (الغلو في الصالحين) ، الذي هو سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم الذي أمروا به أنهم تجاوزا الحد الواجب في تعظيمهم حتى آل بهم الأمر إلى الشرك.
وقوله: (الصالحون) يشمل كل من قام به هذا الوصف من الأنبياء والرسل، والأولياء، من أيِّ أمةٍ كانوا.
(1) البخاري: كتاب الجنائز/باب ثناء الناس على الميت، حديث (1367) ، ومسلم: كتاب الجنائز/باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى، حديث (949) .