باب قوله تعالى:
{ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
(آل عمران: 175)
(ق) : مناسبة الباب لما قبله:
أن المؤلف رحمه الله أعقب باب المحبة بباب الخوف، لأن العبادة ترتكز على شيئين: المحبة، والخوف.
فبالمحبة يكون امتثال الأمر، وبالخوف يكون اجتناب النهي، وإن كان تارك المعصية يطلب الوصول إلى الله ، ولكن هذا من لازم ترك المعصية، وليس هو الأساس.
فلو سألت من لا يزني لماذا، لقال: خوفا من الله .
ولو سألت الذي يصلى، لقال: طمعا في ثواب الله ومحبة له.
كل منهما ملازم للآخرة، فالخائف والمطيع يريدان النجاة من عذاب الله والوصول إلى رحمته.
وهل الأفضل للإنسان أن يغلب جانب الخوف أو يغلب جانب الرجاء؟
اختلف في ذلك:
فقيل: ينبغي أن يغلب جانب الخوف، ليحمله ذلك على اجتناب المعصية ثم فعل الطاعة.
وقيل: يغلب جانب الرجاء، ليكون متفائلا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه الفأل (1) .
وقيل في فعل الطاعة: يغلب جانب الرجاء، فالذي منّ عليه بفعل هذه الطاعة سيمن عليه بالقبول، ولهذا قال بعض السلف: إذا وفقك الله للدعاء، فانتظر الإجابة، لأن الله يقول: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } (غافر: 60) وفي فعل المعصية يغلب جانب الخوف، لأجل أن يمنعه منها إذا خاف من العقوبة تاب.
(1) البخاري: كتاب الطب /باب الفأل، حديث (5756) ، ومسلم: كتاب السلام / باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، حديث (2223) .