فهرس الكتاب
الصفحة 859 من 1408

وهذا أقرب شيء، ولكن ليس بذاك القرب الكامل، لأن الله يقول: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } (المؤمنون: 60) ، أي: يخافون أن لا يقبل منهم، لكن قد يقال هذه الآية يعارضها أحاديث أخرى، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي عن ربه (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني) (1) .

وقيل: في حال المرض يغلب جانب الرجاء، وفي حال الصحة يغلب جانب الخوف، فهذه أربعة أقوال.

وقال الإمام أحمد: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدا، فأيهما غلب هلك صاحبه، أي: يجعلهما كجناحي الطائر، والجناحان للطائر إذا لم يكونا متساويين سقط.

وخوف الله تعالى درجات، فمن الناس من يغلو في خوفه، ومنهم من يفرط، ومنهم من يعتدل في خوفه.

والخوف العدل هو الذي يرد عن محارم الله فقط، وإن زدت على هذا فإنه يوصلك إلى اليأس من روح الله .

ومن الناس من يفرط في خوفه بحيث لا يردعه عما نهى الله عنه.

والخوف أقسام:

الأول: خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو ما يسمى بخوف السر.

وهذا لا يصلح إلا لله - - سبحانه وتعالى - - فمن أشرك فيه مع الله غيره، فهو مشرك شركا أكبر، وذلك مثل: من يخاف من الأصنام أو الأموات، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم، كما يفعله بعض عباد القبور: يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله .

الثاني: الخوف الطبيعي والجبلَّي، فهذا في الأصل مباح، لقوله: تعالى عن موسى { فخرج منها خائفا يترقب } وقوله عنه أيضا: { رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون } ،

(1) البخاري: كتاب التوحيد / باب (ويحذركم الله نفسه) ، حديث (7405) ، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء /باب الحث على ذكر الله تعالى، حديث (2675) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام