باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إِلهَ إلاّ الله
(ق) : التفسير معناه: الكشف والإيضاح، مأخوذ من قولهم: فسرت الثمرة قشرها، ومن قول الإنسان: فسرت ثوبي، فاتضح ما وراءه، ومنه تفسير القرآن الكريم. والتوحيد تقدم تعريفه، والمراد به هنا اعتقاد أن الله واحد في ألوهيته.
وقوله:"شهادة أن لا إله إلا الله"، معطوف على التوحيد، أي: وتفسير شهادة أن لا إله إلا الله . والعطف هنا من باب عطف المترادفين، لأن التوحيد حقيقة هو شهادة أن لا إله إلا الله . وهذا الباب مهم، لأنه لما سبق الكلام على التوحيد وفضله والدعوة إليه، كأن النفس الآن اشرأبت إلى بيان ما هو هذا التوحيد الذي بوب له هذه الأبواب (وجوبه، وفضله، والدعوة إليه) . فيجاب بهذا الباب، وهو تفسير التوحيد.
(ف) : قلت: هذا من عطف الدال على المدلول.
فإن قيل: قد تقدم في أول الكتاب من الآيات ما يبين معنى لا إله إلا الله وما تضمنته من التوحيد كقوله تعالى '17: 23'"وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه"وسابقها ولاحقها، وكذلك ما ذكره في الأبواب بعدها، فما فائدة هذه الترجمة؟
قيل: هذه الآيات المذكورات في هذا الباب فيها مزيد بيان بخصوصها لمعنى كلمة الإخلاص وما دلت عليه: من توحيد العبادة. وفيها: الحجة على من تعلق من الأنبياء والصالحين يدعوهم ويسألهم. لأن ذلك هو سبب نزول بعض هذه الآيات، كالآية الأولى: '17: 56'"قل ادعوا الذين زعمتم من دونه"أكثر المفسرين على أنها نزلت فيمن يعبد المسيح وأمه، والعزير والملائكة، وقد نهى الله عن ذلك أشد النهى، كما في هذه الآية من التهديد والوعيد على ذلك. وهذا يدل على أن دعاءهم من دون الله شرك بالله، ينافي التوحيد وينافي شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن التوحيد أن لا يدعى إلا الله وحده.وكلمة الإخلاص نفت هذا الشرك، لأن دعوة غير الله تأليه وعبادة له.