وفي هذه الآية: أن المدعو لا يملك لداعيه كشف ضرر ولا تحويله من مكان إلى مكان، ولا من صفة إلى صفة.ولو كان المدعو نبياً أو ملكاً. وهذا يقرر بطلان دعوة كل مدعو من دون الله كائناً من كان، لأن دعوته تكون داعيه أحوج ما كان إليها، لأنه أشرك مع الله من لا ينفعه ولا يضره. وهذه الآية تقرر التوحيد، ومعنى لا إله إلا الله .
(تم) : ولهذا قال العلماء: إن العطف في قوله (التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله ) من عطف المترادفات، ولكن هذا فيه نظر من جهة أن الترادف غير موجود، أعني: الترادف الكامل، لكن الترادف الناقص موجود، فيكون إذا باب تفسير التوحيد، يعني: الكشف والإيضاح عن معنى التوحيد، وقد تقدم: إن التوحيد هو اعتقاد أن الله -جل وعلا- واحد في ربوبيته لا شريك له واحد في إلاهيته لا نِدَّ له، واحد في أسمائه وصفاته لا مثل له - سبحانه وتعالى -، قال جل وعلا: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الشورى: من الآية11)
وذلك يشمل أنواع التوحيد جميعا، فالتوحيد إذاً هو اعتقاد أن الله واحد في هذه الثلاثة أشياء.
قوله: (وشهادة أن لا إله إلا الله ) يعني: تفسير شهادة أن لا إله إلا الله ، فهذه الشهادة هي أعظم كلمة قالها مكلف، ولا شيء أعظم منها؛ وذلك لأن معناها هو الذي قامت عليه الأرض والسماوات، وما تعبَّدَ المتعبدون إلا بتحقيقها ولامتثالها، والشهادة تارة تكون شهادة حضور وبصر، وتارة تكون شهادة عن علم بمعنى أنه، إما أن يشهد على شيء حضره ورآه أو يشهد على شيء علمه، فهذان معنيان للشهادة.