باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
(ق) : الاستسقاء: طلب السقيا كالاستغفار: طلب المغفرة، والاستعانة: طلب المعونة، والاستعاذة: طلب العوز، والاستهداء: طلب الهداية، لأن مادة استفعل في الغالب تدل على الطلب، وقد لا تدل على الطلب، بل تدل على المبالغة في الفعل، مثل: استكبر، أي بلغ في الكبر غايته، وليس المعنى طلب الكبر، والاستسقاء بالأنواء، أي: أن تطلب منها أن تسقيك.
والاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: شرك أكبر، وله صورتان:
الأولى: أن يدعو الأنواء بالسقيا، كأن يقول: يا نوء كذا ! اسقنا أو أغثنا، وما أشبه ذلك، فهذا شرك أكبر، لأنه دعا غير الله ، ودعاء غير الله من الشرك الأكبر، قال تعالى { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ الله إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (المؤمنون: 117) وقال تعالى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ الله أَحَداً } (الجن: 18) وقال تعالى { وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ } (يونس: 106) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على النهي عن دعاء غير الله وأنه من الشرك الأكبر.
الثانية: أن ينسب حصول الأمطار إلى هذه الأنواء على أنها هي الفاعلة بنفسها دون الله ولو لم يدعها، فهذا شرك أكبر في الربوبية، والأول في العبادة، لأن الدعاء من العبادة، وهو متضمن للشرك في الربوبية، لأنه لم يدعها إلا وهو يعتقد أنها تفعل وتقضي الحاجة.
القسم الثاني: شرك أصغر، وهو أن يجعل هذه الأنواء سببا مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل، لأن كل من جعل سببا لم يجعله الله سببا لا بوحيه ولا بقدره، فهو مشرك شركا أصغر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ