باب قول الله تعالى
{ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }
(سبأ: من الآية23)
(تم) : مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد كما ذكرنا سابقاً: أن فيه برهانا على أن المستحق للعبادة هو الله -- جل جلاله -- لأنه هو المتصف بصفات الكمال والجلال.
(ق) : أن هذا من البراهين الدالة على أنه لا يستحق أحد أن يكون شريكا مع الله ؛ لأن الملائكة وهم أقرب ما يكون من الخلق لله -- عز وجل --، ما عدا خواص بني آدم يحصل منهم عند كلام الله -سبحانه- الفزع.
(تم) : وهذا الباب فيه ذكر لصفات الجلال لله -جل وعلا- إذ كل من في السماوات والأرض خائف منه ووَجِلٌ لأنه سبحانه الجليل، ولذلك كان أعرف عمار السماء به هم الملائكة الذين قال الله في وصفهم { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } (النحل: 50) وقال جل وعلا في وصفهم أيضاً { وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } (الأنبياء: من الآية28) ، فصفات الجلال والكمال والجمال له -سبحانه- وهذه كلها دلائل على أنه هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، لأنه المتصف بالعظمة الكاملة وهو الذي ينبغي أن يُهَاب وأن يُخَاف منه على الحقيقة؟ فكل ما في السماوات والأرض جار على وفق أمره - سبحانه وتعالى -.
فهو - سبحانه وتعالى: ذو الأسماء الحسنى، وذو الصفات العلا.
(ق) : قوله تعالى: { حتى إذا فزع عن قلوبهم } ، قال ذلك ولم يقل: (فزعت قلوبهم ، إذ { عن } تفيد المجاوزة، والمعنى: جاوز الفزع قلوبهم؛ أي: أزيل الفزع عن قلوبهم. الفزع: الخوف المفاجئ؛ لأن الخوف المستمر لا يسمى فزعا. وأصله: النهوض من الخوف.
(ف) : أي زال الفزع عنها. قاله ابن عباس وابن عمر وأبو عبد الرحمن السلمي والشعبي والحسن وغيرهم.