فهرس الكتاب
الصفحة 481 من 1408

باب قول الله تعالى:

{ إنك لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }

(القصص: 56)

(تم) : مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أن الهداية من أعز المطالب، وأعظم ما تعلق به المتعلقون بغير الله أن يحصل لهم النفع الدنيوي والأخروي من الذين توجهوا إليهم، واستشفعوا بهم، ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الخلق، وسيد ولد آدم، قد نفى الله عنه أن يملك الهداية، وهي نوع من أنواع المنافع، دل ذلك على أنه عليه الصلاة والسلام ليس له من الأمر شيء، كما جاء في ما سبق في باب قول الله تعالى: { أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } (الأعراف: 191) في سبب نزول قول الله تعالى { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } (آل عمران: من الآية128) .

فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس له من الأمر شيء، ولا يستطيع أن ينفع قرابته كما جاء في قوله: (يا فاطمة بنت a سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا) (1) .

أقول: إذا كان هذا في حق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأنه لا يغني من الله -جل وعلا- عن أحبابه شيئا، وعن أقاربه شيئا، ولا يملك شيئا من الأمر، وليست بيده هداية التوفيق، فإنه أن ينتفي ذلك، وما دونه عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - من باب أولى.

فبطل إذن كل تعلق للمشركين من هذه الأمة بغير الله -جل وعلا- لأن كل من تعلقوا به هو دون النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإجماع، فإذا كانت هذه حال النبي -عليه الصلاة والسلام- وقد نفي الله عنه ملك هذه الأمور، فإن نفي ذلك عن غيره من باب أولى.

(1) أخرجه البخاري (4770) ومسلم (208) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام