فهرس الكتاب
الصفحة 1080 من 1408

باب من سب الدهر فقد آذى الله

(تم) : الدهر: هو الزمان كاليوم والليلة، والأسابيع والأشهر، والسنين، والعقود، هذا هو الدهر، وهذه الأزمنة مفعولة، لا فاعلة، فهي لا تفعل شيئا، وإنما هي مسخرة يسخرها الله -- جل جلاله -- وكل يعلم أن السنين لا تأتي بشيء، وإنما الذي يفعل هو الله -جل وعلا- في هذه الأزمنة؛ ولهذا كان سب هذه السنين سبا لمن تصرف فيها، وهو الله -- جل جلاله -- لهذا عقد المؤلف هذا الباب ليبين أن سب الدهر ينافي كمال التوحيد، وأن سب الدهر يعود على الله -جل وعلا- بالإيذاء؛ لأنه سب لمن تصرف في هذا الدهر.

فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة، وهو أن سب الدهر من الألفاظ التي لا تجوز، والتخلص منها واجب، واستعمالها مناف لكمال التوحيد، وهذا يحصل من الجهلة كثيرا، فإنهم إذا حصل لهم في زمان شيء لا يسرهم، سبوا ذلك الزمان، ولعنوا ذلك اليوم، أو لعنوا تلك السنة، أو لعنوا ذلك الشهر، ونحو ذلك من الألفاظ الوبيلة، أو شتموا الزمان، وهذا لا شك لا يتوجه إلى الزمن؛ لأن الزمن شيء لا يَفعَل، وإنما يُفعَل فيه، وهو أذية لله، جل وعلا.

قوله: (( باب من سب الدهر ) )السب في أصله التنقص، أو الشتم، فيكون بتنقص الدهر، أو يكون بلعنه، أو بشتمه، أو بنسبة النقائص إليه، أو بنسبة الشر إليه، ونحو ذلك، وهذا كله من أنواع سبِّه، والله -جل وعلا- هو الذي يقلب الليل والنهار.

(ق) : وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللّوم، فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام: { هذا يوم عصيب } (هود: 77) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام