باب لا يستشفع بالله على خلقه
(ق) : استشفع بالشيء، أي: جعله شافعا له، والشفاعة في الأصل: جعل الفرد شفعا، وهي التوسط، للغير بجلب منفعة له أو دفع مضرة عنه.
مناسبة الباب لكتاب للتوحيد:
أن الاستشفاع بالله على خلقه تنقص لله - - عز وجل --، لأنه جعل مرتبة الله أدنى من مرتبة المشفوع إليه، إذ لو كان أعلى مرتبة ما احتاج أن يشفع عنده، بل يأمره أمرا والله - - عز وجل - - لا يشفع لأحد من خلقه إلى أحد، لأنه أجل وأعظم من أن يكون شافعا، ولهذا أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك على الأعرابي، وهذا وجه وضع هذا الباب في كتاب التوحيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال: يا رسول الله: نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله ! سبحان الله !) فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه؛ ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (ويحك، أتدري ما الله ؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه) (1) وذكر الحديث. رواه أبو داود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أعرابي) . واحد الأعراب، وهم سكان البادية، والغالب على الأعراب الجفاء، لأنهم أحرى أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله .
قوله: (نهكت الأنفس) . (نهكت) ، أي: ضعفت.
قوله: (جاع العيال وهلكت الأموال) ، أي: من قلة المطر والخصب، فضعف الأنفس بسبب ضعف القوة النفسية والمعنوية التي تحصل فيها إذا لم يكن هناك خصب، وجاع العيال لقلة العيش، وهلكت الأموال، لأنها لم تجد ما ترعاه.
(1) أبو داود: كتاب السنة /باب في الجهمية، حديث (4726) .