باب ما جاء في المصورين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة.أخرجاه (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(ق) : قوله: (باب ما جاء في المصورين) . يعني: من الوعيد الشديد.
ومناسبة هذا الباب للتوحيد: أن في التصوير خلقا وإبداعا يكون به المصور مشاركا لله تعالى في ذلك الخلق والإبداع.
قوله في الحديث: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) . ينتهي سند هذا الحديث إلى الله - - عز وجل - - ويسمى حديثا قدسيا، وسبق الكلام عليه في باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب
قوله (ومن أظلم) . (من) : اسم استفهام والمراد به النفي، أي لا أحد أظلم، وإذا جاء النفي بصيغة الاستفهام كان أبلغ من النفي المحض، لأنه يكون مشربا معنى التحدي والتعجيز.
فإن قيل: كيف يجمع بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: { ومن أظلم ممن منع مساجد الله } (البقرة: 114) ، وقوله: { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا } (الأنعام: 21) وغير ذلك من النصوص؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن المعنى أنه مشتركة في الأظلمية، أي أنها في مستوى واحد في كونها في قمة الظلم.
الثاني: أن الأظلمية نسبية، أي لا أحد أظلم من هذا في نوع هذا العمل لا في كل شيء، فيقال مثلا: من أظلم في مشابهة أحد في صنعه ممن ذهب يخلق كخلق الله ، ومن أظلم في منع حق ممن منع مساجد الله ، ومن أظلم في افتراء الكذب ممن افترى على الله كذبا.
قوله: (يخلق) . حال من فاعل ذهب، أي: ممن ذهب خالقا.
والخلق في اللغة: التقدير، قال الشاعر:
(1) البخاري: كتاب اللباس/ باب نقض الصور، حديث (5953) ، ومسلم: كتاب اللباس والزينة / باب تحريم تصوير صورة الحيوان، حديث (2111) .