باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب
(ق) : هذا الباب كالمتمم للباب الذي قبله؛ لأن الذي قبله:"باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب"، فمن فضله هذا الفضل العظيم الذي يسعى إليه كل عاقل، وهو دخول الجنة بغير حساب.
قوله:"من"، شرطية، وفعل الشرط:"حقق"، وجوابه:"دخل".
قوله:"بلا حساب"؛ أي: لا يحاسب لا على المعاصي ولا على غيرها. وتحقيق التوحيد: تخليصه من الشرك، ولا يكون إلا بأمور ثلاثة:
الأول: العلم؛ فلا يمكن أن تحقق شيئاً قبل أن تعلمه، قال الله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله ) [a: 19] .
الثاني: الاعتقاد، فإذا علمت ولم تعتقد واستكبرت؛ لم تحقق التوحيد، قال الله تعالى عن الكافرين: { أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب } . [ص: 5] ؛ فما اعتقدوا انفراد الله بالألوهية.
الثالث: الانقياد، فإذا علمت واعتقدت ولم تنقد؛ لم تحقق التوحيد، قال تعالى: { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون - ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون } [الصافات: 35-36] . فإذا حصل هذا وحقق التوحيد؛ فإن الجنة مضمونة له بغير حساب، ولا يحتاج أن نقول إن شاء الله ؛ لأن هذا حكاية حكم ثابت شرعاً، ولهذا جزم المؤلف رحمه الله تعالى بذلك في الترجمة دون أن يقول: إن شاء الله . أما بالنسبة للرجل المعين؛ فإننا نقول: إن شاء الله . وقد ذكر المؤلف في هذا الباب آيتين، ومناسبتهما للباب الإشارة إلى تحقيق التوحيد، وأنه لا يكون إلا بانتفاء الشرك كله.
(تم) : وهذا الباب أرفع رتبة من بيان فضل التوحيد، فإن فضل التوحيد يشترك فيه أهله، وأهل التوحيد هم أهل الإسلام، ولا شك أن لكل مسلم نصيب من التوحيد فيكون له تبعاً لذلك نصيب من فضل التوحيد وتكفير الذنوب.