باب من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى
(تم) : هذا الباب عنونه الإمام -رحمه الله تعالى- بقوله: (باب من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى) ، وهذا الباب مع الباب الذي قبله، والأبواب التي سلفت - أيضا - كلها في بيان المقصد من هذا الكتاب، وبيان الغرض من تأليفه، وأن التوحيد إنما يعرف بضده، فمن طلب التوحيد فليطلب ضده؛ لأنه - أعني: التوحيد - يجمع بين الإثبات والنفي، فيجمع بين الإيمان بالله، وبين الكفر بالطاغوت.
فمن جمع بين هذين الأمرين فإنه قد عرف التوحيد، ولهذا فصل الشيخ -رحمه الله - أفراد توحيد العبادة، وفصَّل أفراد الشرك، فبيَّن أصناف الشرك الأصغر: القولي والعملي وبيَّن أصناف الشرك الأكبر العملي والاعتقادي، فذكر الذبح لغير الله ، وذكر النذر لغير الله ، والذبح والنذر عبادتان عظيمتان.
فعبادة الذبح عبادة فعلية عملية، وعبادة النذر عبادة قولية إنشاءً، وعملية وفاءً، فالشرك الأكبر الذي يكون من جهة العمل أنواع، وقد ذكر منها -على سبيل التمثيل- الذبح لغير الله ، كما أنه ذكر النذر لغير الله مثالاً على أنواع الشرك الأكبر الحاصل من جهة القول وكل من الذبح والنذر يصاحبهما اعتقاد تعظيم المخلوق كتعظيم الله -جل وعلا- وهذا شرك، قال تعالى: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } (البقرة: من الآية165) وقال: { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ - إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (الشعراء: 97-98) ثم عطف على ذلك (باب من الشرك الاستعاذة بغير الله ) ، لأن الاستعاذة بغير الله تكون بالقول الذي معه اعتقاد، ولذلك ناسبت أن تكون بعد (باب من الشرك النذر لغير الله ) .