فهرس الكتاب
الصفحة 825 من 1408

(ق) : قوله: { تنزيل من رب العالمين } خبر ثان لقوله: { وإنه } وهو كقوله: { وإنه لتنزيل رب العالمين } (الشعراء: 192) وكقوله: { تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته } (فصلت: 2-3) فهو خبر مكرر مع قوله: { لقرآن } .

و { تنزيل } أي: منزل، فهي مصدر بمعنى اسم المفعول منزل من رب العالمين، أنزله الله على قلب النبي صلى عليه وسلم، لأنه محل الوعي والحفظ بواسطة جبريل، قال تعالى { وإنه لتنزيل رب العالمين - نزل به الروح الأمين - على قلبك لتكون من المنذرين } .

وقوله: { من رب العالمين } . أي خالقهم، ويستفاد من الآية ما يلي:

أن القرآن نازل لجميع الخلق، ففيه دليل على عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أنه نازل من ربهم، وإذا كان كذلك، فهو الحكم بينهم الحاكم عليهم.

أن نزول القرآن من كمال ربوبية الله ، فإذا أضيف إلى هذه الآية قوله تعالى: { تنزيل من الرحمن الرحيم - كتاب فصلت آياته } ، علم أن القرآن رحمة للعباد أيضا، وربوبية الله

مبنية على الرحمة، قال تعالى { الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم } (الفاتحة: 2-3)

وكل ما أمر الله به عباده أو نهاهم عنه، فهو رحمة بهم.

أن القرآن كلام الله ، لأنه إذا كان الله أنزله، فهو كلامه لا كلام غيره كما قاله السلف رحمهم الله ، وهو غير مخلوق، لأن جميع صفات الله حتى الصفات الفعلية ليست مخلوقة.

والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق.

فإن قيل: هل كل منزل غير مخلوق؟

قلنا لا، لكن كل منزل يكون وصفا مضافا إلى الله ، فهو غير مخلوق، كالكلام، وإلا فإن الله أنزل من السماء ماء وهو مخلوق، وقال تعالى: { وأنزلنا الحديد } (الحديد: 25) وهو مخلوق، وقال تعالى { وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } (الزمر: من الآية6) والأنعام مخلوقة، فإذا كان المنزل من عند الله صفة لا تقوم بذاتها، وإنما تقوم بغيرها، لزم أن يكون غير مخلوق، لأنه من صفات الله .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام