الجواب: يحتمل أن يراد به الإباحة، ويحتمل أن يراد به المعنى الحقيقي، فبالنسبة لنحر الإبل المراد به المعنى الحقيقي. وبالنسبة للمكان المراد به الإباحة، لأنه لا يتعين أن يذبحها في ذلك المكان، إذ إنه لا يتعين أي مكان في الأرض إلا ما تميز بفضل، والمتميز بفضل المساجد الثلاثة، فالأمر هنا بالنسبة لنحر الإبل من حيث هو نحر اجب. وبالنسبة للمكان، فالأمر للإباحة، بدليل أنه سأل هذين السؤالين، فلو أجيب بنعم، لقال: لا توف، فإذا كان المقام يحتمل النهي والترخيص، فالأمر للإباحة.
وقوله:"أوف بنذرك"علل - صلى الله عليه وسلم - ذلك بانتفاء المانع، فقال:"فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله".
قوله:"لا وفاء لنذر"، لا: نافية للجنس، وفاء: اسمها، لنذر: خبرها.
قوله:"في معصية الله"، صفة لنذر، أي: لا يمكن أن توفي بنذر في معصية الله ، لأنه لا يتقرب إلى الله بمعصيته، وليست المعصية مباحة حتى يقال افعلها.
أقسام النذر:
الأول: ما يجب الوفاء به، وهو نذر الطاعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم:"من نذر أن يطيع الله ، فليطعه" (1) .
الثاني: ما يحرم الوفاء به، وهو نذر المعصية، لقوله - صلى الله عليه وسلم:"ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" (2) ، وقوله:"فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله" (3) .
الثالث: ما يجري مجر اليمين، وهو نذر المباح، فيخير بين فعله وكفارة اليمين، مثل لو نذر أن يلبس هذا الثوب، فإن شاء لبسه وإن شاء لم يلبسه، وكفر كفارة يمين.
الرابع: نذر اللجاج والغضب، وسمي بهذا الاسم، لأن اللجاج والغضب يحملان عليه غالباً، وليس بلازم أن يكون هناك لجاج وغضب، وهو الذي يقصد به معنى اليمين، الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب.
(1) البخاري: كتاب الأيمان والنذور/ باب النذر في الطاعة.
(2) انظر التخريج السابق.
(3) مسلم: كتاب النذر/ باب لا وفاء لنذر في معصية الله .