ولا يلزم من كلامه - سبحانه - أن يكون له آلة كالآدمي، كاللسان، والأسنان، والحلق، وما أشبه ذلك، كما لا يلزم من سماع الله أن يكون له أذن، فالأرض مثلا تسمع وتحدث وليس لها لسان ولا آذان، قال تعالى: { يومئذ تحدث أخبارها - بأن ربك أوحى لها } (الزلزلة: 4، 5) وكذا الجلد ينطق يوم القيامة، قال تعالى: { حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } (فصلت: 20) وكذا الأيدي والأرجل، قال تعالى: (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور: 24) فالأيدي والأرجل والأيدي والألسن والجلود والسمع والأبصار ليس لها لسان ولا شفتان، وهذا هو المعلوم لنا.
(ف) : قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإذا قالوا لنا يعني النفاة: فهذا يلزمه أن تكون الحوادث قائمة به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل. ولفظ الحوادث مجمل، فقد يراد به الأعراض والنقائص، والله تعالى منزه عن ذلك - ولكن يقوم به ما يشاء من كلامه وأفعاله ونحو ذلك: مما دل عليه الكتاب والسنة. والقول الصحيح: هو قول أهل العلم والحديث الذين يقولون: لم يزل الله متكلماً إذا شاء، كما قال ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة السنة. أ.هـ.
قلت: ومعنى قيام الحوادث به تعالى: قدرته عليها وإيجاده لها بمشيئته وأمره. والله أعلم.
(ق) : فإن قيل: إن الله يكلم من هو أعظم منهم جرما وهم أهل النار؟
فالجواب: أن المراد بنفي الكلام هنا كلام الرضا، أما كلام الغضب والتوبيخ، فإن هذا الحديث لا يدل على نفيه.
قوله: (ولا يزكيهم) . التزكية: بمعنى التوثيق والتعديل، فيوم القيامة لا يوثقهم، ولا يعدلهم، ولا يشهد عليهم بالإيمان، لما فعلوه من هذه الأفعال الخبيثة.
قوله: (ولهم عذاب أليم) . (عذاب) : عقوبة، و (أليم) ، أي: شديد موجع مؤلم.