الله والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا، لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، وذكر حديث عدي ثم قال: وكذلك قال أبو البختري: أما إنهم لم يصلوا لهم ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكن أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وجعلوا حرام الله حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية، وقال الربيع بن أنس: قلت لأبي العالية: كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟ قال: كانت الربوبية أنهم وجدوا في كتاب الله ما أمروا به ونهوا عنه فقالوا: لن نسبق أحبارنا بشيء، فما أمرونا به ائتمرنا، وما نهونا عنه انتهينا، لقولهم: فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
فقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم وصاموا لهم ودعوهم من دون الله فهذه عبادة للرجال وتلك عبادة للأموال وقد بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله {لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} . اهـ [1]
وقد قال أيضا رحمه الله: فمن جعل غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه وإن خالف أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد جعله ندا وربما صنع به ما تصنع النصارى بالمسيح فهذا من الشرك الذي يدخل صاحبه في قوله تعالى {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} . اهـ [2]
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في كتابه فتح المجيد معلقا على آية التوبة: فظهر بهذا أن الآية دلت على أن من أطاع غير الله ورسوله، وأعرض عن الأخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحله الله، وأطاعه في معصية الله، واتبعه فيما لم يأذن به الله، فقد اتخذه ربا ومعبودا وجعله لله شريكا، وذلك ينافي التوحيد الذي هو دين الله الذي دلت عليه كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) .
(1) مجموع الفتاوى 7/ 67.
(2) مجموع الفتاوى 10/ 267.