فهرس الكتاب
الصفحة 353 من 393

إلى تألفه ونحو ذلك. اهـ [1]

وقال أيضا رحمه الله في شرح حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وفيه (وما أنا بالذي أقول لرجل - بعد أن يكون أميرا على رجلين - أنت خير ... ) الحديث [2] :

فيه ذم مداهنة الأمراء في الحق وإظهار ما يبطن خلافه كالمتملق بالباطل، فأشار أسامة رضي الله عنه إلى المداراة المحمودة والمداهنة المذمومة.

وضابط المداراة أن لا يكون فيها قدح في الدين، والمداهنة المذمومة أن يكون فيها تزيين القبيح وتصويب الباطل ونحو ذلك. اهـ [3]

قلت: فليس بعد هذا البيان من بيان في التفريق بين المداراة المحمودة والمداهنة المذمومة.

وإذا تبين ذلك عُرف فساد وضلال مسلك من ناصر الطواغيت وآزرهم بالقول والفعل بل وبايعهم على رؤوس الأشهاد؛ ثم يعتذر بعد ذلك بأنه يداريهم اتقاء لشرهم.

ومما سبق من كلام أهل العلم يتبين أنه ليس من المداراة الجائزة في شيء إظهار المدح لمسلك الكفار في محاربة المسلمين؛ أو وصف الجهاد بأنه تطرف؛ أو وصف المجاهدين بأنهم خوارج إلى غير ذلك من الأوصاف الباطلة التي تُجرئ الكفار على قتال المجاهدين.

وليس من المداراة في شيء إصدار البيانات عقب كل عملية يقوم بها المجاهدون ويقتلون فيها من يقتلون من رؤوس الطواغيت وجنودهم؛ ويصف هؤلاء ذلك بأنه ليس من الإسلام في شيء وأنه عنف والإسلام لا يقر العنف، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ويظنون أنهم الحكماء وأصحاب الخبرة والتجربة.

(1) فتح الباري، ج 10/ 528.

(2) رواه البخاري في كتاب الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر، برقم: 7098.

(3) فتح الباري، ج 13/ 52: 53.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام