غاية الوضوح، وكما قالوا: لا ينتطح فيه عنزان؛ ولا يجوز أن يُختلف فيه إن شاء الله.
وهكذا مهمة جنود الطاغية في كل زمان ومكان، ولذلك قال القائل: لا يستطيع فرد واحد أن يذل أمة بأسرها.
وقد ذكر العلماء في كتبهم مسألة القوم يشتركون في العمل ويكون بعضهم مباشر له ومشارك فيه وبعضهم معين ومناصر - ويسمونه الردء - فهل يستوي حكمهم جميعا في الثواب والعقاب الدنيوي؟
والراجح في ذلك والله تعالى أعلم أن القوم إذا تناصر بعضهم ببعض صاروا جميعا طائفة واحدة يستوون في الحكم سواء الردء منهم والمباشر؛ وعلى هذا مضت السنة النبوية وعمل الخلفاء الراشدين.
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم على من نقض العهد وباشر ذلك من أهل العهود ومن سكت وأقر ورضي بحكم واحد، وعاملهم جميعا معاملة واحدة على أنهم ناقضين للعهد مستحقين جميعا لما يترتب على ذلك من أحكام، وسيأتي هذا المعنى واضحا فيما نذكره من أقوال أهل العلم إن شاء الله.
قال ابن تيمية رحمه الله: وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة، فالواحد منهم باشر القتل، والباقون له أعوان وردء له.
فقد قيل: إنه يقتل المباشر فقط، والجمهور على أن الجميع يقتلون، ولو كانوا مائة، وأن الردء والمباشر سواء، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين، والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال، ينظر منه لهم من يجيء.
ولأن المباشر إنما تمكن من قتله بقوة الردء ومعونته، والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين.
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من