قلت: ووجه كفر الحكام المرتدين وجنودهم وأعوانهم في هذه المسألة هو اعتبارهم قتل المسلمين المتدينين والمجاهدين أمرا مشروعا مباحا؛ وذلك بموجب قوانينهم الوضعية الكافرة والتي تعاقب بالقتل كل من أراد تغير نظام الحكم الجاهلي إلى نظام إسلامي يحكم الناس فيه بشريعة الله رب العالمين.
ومن استحل دم المسلم المعصوم بغير حق بهذه القوانين الكافرة الجائرة فقد كفر بالله العظيم؛ لأن استحلاله هذا هو تكذيب للنصوص المتواترة الدالة على حرمة دماء المسلمين.
ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله: والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء. اهـ [1] .
والملاحظ من كلام شيخ الإسلام أنه قسم القتال في ذلك إلى قسمين: قتال بسبب الدين والعقيدة والمنهج؛ وقتال بسبب العداوة على أمر الدنيا أو المال أو الخصومة، وأن من قاتل المسلم على دينه وبسبب عقيدته فهو كافر خالد في نار جهنم وهو بمنزلة الكفار الذين كانوا يقاتلون النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن عرف حال هؤلاء الطواغيت وجنودهم وأعوانهم وما يقاتلون عليه المسلمين والمجاهدين، علم يقينا دخولهم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله السابق.
فمن المعلوم لكل أحد أنه لا خصومة بين المسلمين وهؤلاء الطواغيت إلا رفض الطواغيت تحكيم شريعة رب العالمين في خلقه؛ وليس لهم خصومة على مال أو أمر من أمور الدنيا.
وليس أدل على كره هؤلاء الطواغيت وجنودهم لدين الإسلام من قتالهم المسلمين - والقتال هو أعلى مظاهر البغض والكره - وهذا هو المناط المكفر الثاني - بعد
(1) مجموع الفتاوى، ج 3/ 267.