وكذلك أبو عبد الله بن عمر الرازي قال في كتابه الذي صنفه (أقسام اللذات) :
نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم قال: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن.
أقرأ في الإثبات {الرحمن على العرش استوى} [1] ، {إليه يصعد الكلم الطيب} [2] ، وأقرأ في النفي {ليس كمثله شيء} [3] ، {ولا يحيطون به علما} [4] ، ثم قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
وكذلك الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، فإنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم حيث قال:
لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم
وكذلك قال أبو المعالي الجويني: يا أصحابنا لا تشتغلوا بعلم الكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به.
وقال عند موته: لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا أموت على عقيدة أمي، أو قال على عقيدة عجائز نيسابور.
(1) سورة طه، الآية: 5.
(2) سورة فاطر، الآية: 10.
(3) سورة الشورى، الآية: 11.
(4) سورة طه، الآية: 110.