فهرس الكتاب
الصفحة 26 من 393

يستهزءون [1]

ويدخل فيما يُنهى عنه من العلم علم الكلام، وهو من أضر ما دخل على المسلمين من علوم الفلاسفة واليونان.

واعلم أن من أسباب ضلال الناس في مسائل العلم عامة ومسائل أصول الدين خاصة، إنما هو اشتغالهم بكلام الفلاسفة الذي لا ينفع شيئا وإعراضهم عن تدبر كلام الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما يجني هذا العلم على أهله إلا الضياع في العمر والحيرة في الفكر.

هذا وقد اجتمعت على ذم علم الكلام أقوال أهل العلم وأهل الكلام أنفسهم.

قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله: قال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يوم ناظره حفص الفرد قال لي: يا أبا موسى، لأن يلقى الله عز وجل العبـ دُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الكلام، لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه.

وقال ابن عبد البر رحمه الله: وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: إنه لا يفلح صاحب كلام أبدا، ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل.

وقال أيضا: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يُعَدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم.

ونقل ابن عبد البر عن ابن خُوَازٍ مِنْدَادٌ المالكي قوله: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام.

فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري، لا تُقبَل له في الإسلام شهادة أبدا، ويُهجَر ويؤدَّب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها.

(1) سورة غافر، الآية: 83.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام