فهرس الكتاب
الصفحة 258 من 393

وفي الأحاديث دليل على أنه يقتل من شتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحا وجب قتله.

ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الإجماع أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - مما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء، فلو تاب لم يسقط عنه القتل لأنه حد قذفه القتل وحد القذف لا يسقط بالتوبة، وخالفه القفال فقال: كفر بالسب فسقط القتل بالإسلام.

وقال الصيدلاني: يزول القتل ويجب حد القذف، وقال الخطابي رحمه الله: لا أعلم خلافا في وجوب قتله إن كان مسلما. اهـ [1]

قلت: فهذه أقوال أهل العلم ناطقة وشاهدة بكفر وردة ووجوب قتل كل من شتم أو سب الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو دينه؛ أو استهزأ وسخر من أحكام الشريعة المطهرة، وأن هذا الحكم من مسائل الإجماع التي لا يجوز مخالفتها، ولا سيما ممن ينتسبون إلى العلم الشرعي.

وتدل أيضا على أنه لا يجوز لولي الأمر المسلم أن يعفو في هذا الحد الشرعي، وسواء كان من سب أو شتم أو استهزئ معتقدا حل ذلك أو كان جاهلا بحكمه أو كان غير قاصد للسب أو كان غاضبا؛ أو غير ذلك من الأعذار الباطلة التي ربما يعتذر بها بعض الناس؛ وليس لها اعتبار في أحكام الشريعة.

وعلى التحقيق فإن هذه الجريمة العظيمة؛ وهي جريمة السب أو الاستهزاء أو التنقص من الشريعة المطهرة وأهلها وحملتها لا تكاد تصدر من إنسان يؤمن بالله تعالى ويوقر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويحترم شريعته، ولذلك كان الجزاء العادل لمن يفعل ذلك القتل لا محالة كما دلت على ذلك الأدلة السابقة؛ والله تعالى أعلم.

(1) نيل الأوطار للشوكاني، ج 8/ 200: 201.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام