فهرس الكتاب
الصفحة 254 من 393

في رواية عبد الله: لا يستتاب، فإن خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يستتبه. اهـ [1]

قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: فتأمل رحمك الله تعالى كلام إسحاق بن راهويه ونقله الإجماع على أن من سب الله أو سب رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو دفع شيئا مما أنزل الله فهو كافر؛ وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله.

يتبين لك أن من تلفظ بلسانه بسب الله تعالى أو بسب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر مرتد عن ملة الإسلام، وإن أقر بجميع ما أنزل الله؛ وإن كان هازلا بذلك لم يقصد معناه بقلبه، كما قال الشافعي رضي الله عنه: من هزل بشيء من آيات الله فهو كافر؛ فكيف بمن هزل بسب الله تعالى أو بسب رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ولهذا قال الشيخ تقي الدين: قال أصحابنا من سب الله كفر، مازحا أو هازلا لقوله تعالى {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} قال: وهذا هو الصواب المقطوع به. اهـ [2]

قلت: وليس بعد هذا البيان من بيان، وكلام الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وقبله كلام القاضي عياض يُضرب به في وجه أولئك المتعالمين الذين يشترطون لتكفير الساب والشاتم والمستهزئ أن يكون قاصدا لذلك بقلبه أو مستحلا له، ويستدلون على ذلك بما لا يصح الاستدلال به هنا.

فالكفر في هذا الباب من باب انتفاء التعظيم والتوقير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وليس له علاقة بالعلم والجهل، وسيأتي إن شاء الله تعالى كلام ابن تيمية في بطلان قول من اشترط أو أوقف تكفير الساب على الاستحلال.

وقال ابن تيمية رحمه الله أيضا: فإنا نعلم أن من سب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - طوعا بغير كره؛

(1) الصارم المسلول / 4 ـ 5 باختصار.

(2) الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة / 18.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام