فهرس الكتاب
الصفحة 243 من 393

فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وسائر الصحابة لما ظهروا على أهل الردة وجاءوا إليهم قال لهم الصديق: اختاروا إما الحرب المجلية أو السلم المخزية، قالوا: يا خليفة رسول الله؛ هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية؟

قال رضي الله عنه: تَدُون قتلانا ولا نَدِي قتلاكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ونقسم ما أصبنا من أموالكم وتردون ما أصبتم من أموالنا، وتنزع منكم الحلقة والسلاح، وتُمنعون من ركوب الخيل وتُتركون تتبعون أذناب البقر حتى يري الله خليفة رسوله والمؤمنين أمرا بعد ردتكم، فوافقه الصحابة على ذلك إلا في تضمين قتلى المسلمين.

وهذا الذي اتفق الصحابة عليه هو مذهب أئمة العلماء والذي تنازعوا فيه تنازع فيه العلماء.

فهذا الذي فعله الصحابة لأولئك المرتدين بعد عودتهم إلى الإسلام يُفعل بمن أظهر الإسلام والتهمة ظاهرة فيه، فيُمنع أن يكون من أهل الخيل والسلاح والدروع التي تلبسها المقاتلة. اهـ [1]

وقال ابن تيمية أيضا رحمه الله: ولا استعمل عمر قط ولا أبو بكر على المسلمين منافقا، ولا استعملا من أقاربهما؛ ولا كان تأخذهما في الله لومة لائم.

بل لما قاتلا أهل الردة وأعادوهم إلى الإسلام منعوهم ركوب الخيل وحمل السلاح حتى تظهر صحة توبتهم.

وكان عمر يقول لسعد بن أبي وقاص وهو أمير العراق: لا تستعمل أحدا منهم ولا تشاورهم في الحرب، فإنهم كانوا أمراء أكابر مثل طليحة الأسدي والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وأمثالهم، فلما تخوف أبو بكر وعمر منهم نوع نفاق لم يولهم على المسلمين. اهـ [2]

(1) مجموع الفتاوى، ج 35/ 157: 158.

(2) مجموع الفتاوى، ج 35/ 65.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام