وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) [1]
وقد دل هذا الحديث على فضل العلم وأهله من وجوه:
1 -أن طلب العلم من الطرق الموصلة إلى الجنة.
2 -أن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض.
3 -أن العلم هو ميراث النبوة.
4 -أن العلماء هم ورثة الأنبياء في تبليغ الرسالة.
قال القرطبي رحمه الله في بيان فضل العلم وأهله: وفي الحديث (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم) أي تخضع وتتواضع، وإنما تفعل ذلك لأهل العلم خاصة من بين سائر عيال الله، لأن الله تعالى ألزمها ذلك في آدم عليه السلام فتأدبت بذلك الأدب، فكلما ظهر لها علم في بشر خضعت له وتواضعت وتذللت إعظاما للعلم وأهله ورضا منهم بالطلب له والشغل به، هذا في الطلاب منهم فكيف بالأحبار فيهم والربانيين! جعلنا الله منهم وفيهم إنه ذو فضل عظيم. اهـ [2]
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: عليكم بالعلم، فإن طلبه لله عبادة، ومعرفته خشية، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، ومذاكرته تسبيح، به يُعرَف الله ويُعبَد، وبه يُمجَّد الله ويُوحَّد، يرفع الله بالعلم أقواما يجعلهم للناس قادة وأئمة
(1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد وابن حبان وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(2) تفسير القرطبي، ج 1/ 288: 289.