لبسط هذه المسألة وشرحها مكان آخر.
والمقصود بيانه هنا أن من قتل المرتد الذي استحق القتل، وكذلك من زنا بعد إحصان - وذلك بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع - فلا قود عليه ولا دية ولا كفارة.
فإن كان في بلد يُقام فيها حكم الإسلام وتُطبق فيها الحدود الشرعية ويقوم الإمام أو نائبه بذلك، فيُعزر من قتل المرتد لافتياته على حق الإمام.
فإن كان في بلد ارتد أهلها أو كفر إمامها، فلم يُقم الحدود الشرعية فليس على من أقامها بشروطها شيء والله تعالى أعلم.
وأما حكم مال المرتد فإن كان في دار الإسلام فالأولى أن ذلك راجع لتصرف الإمام، فإن رُجي عودته وُضع ماله في مكان أمين، وإن لم يُرج ذلك فهو فيئ.
أما في غير دار الإسلام وحيث لا إمام يحفظ أموال المسلمين ويصرفها في المصارف الشرعية، فإن مال المرتد يحوزه من قتله ويُخمسه، والله تعالى أعلم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وقتل المرتد إلى الإمام حرا كان أو عبدا، وهذا قول عامة أهل العلم، إلا الشافعي في أحد الوجهين في العبد، فإن لسيده قتله، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم) [1] إلى أن قال ابن قدامة:
فإن قتله غير الإمام أساء ولا ضمان عليه لأنه محل غير معصوم، وسواء قتله قبل الاستتابة أو بعدها لذلك، وعلى من فعل ذلك التعزير لإساءته وافتياته [2] .
قال الشيرازي رحمه الله: وإن ارتد ثم أقام على الردة، فإن كان حرا كان قتله إلى الإمام، لأن قتله يجب لحق الله تعالى، فكان إلى الإمام كرجم الزاني، فإن قتله غيره
(1) رواه أبو داود وأحمد والدارمي والدارقطني عن علي رضي الله عنه، وروى البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أن النبي ص قال: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يُثرب)
(2) المغني ج 8/ 128، ط عالم الكتب.