فهرس الكتاب
الصفحة 208 من 393

ولو قال معلم الصبيان إن اليهود خير من المسلمين بكثير لأنهم يقضون حقوق معلمي صبيانهم كفر، كذا نقله الرافعي عن أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه وسكت عليه وتبعه النووي.

قلت - واللفظ لأبي بكر الحصني رحمه الله - وهذا اللفظ كثير الوقوع من الصنائعية والمتعيِّشة، وفي التكفير بذلك نظر ظاهر.

إذ إخراج مسلم عن دينه بلفظةٍ لها محتمل غير صحيح، لا سيما عند القرينة الدالة على أن المراد أن معاملة هذا أجود من معاملة هذا، لا سيما إذا صرح أن هذا مراده، أو وقع في لفظ صريح كالمسألة المنقولة والله أعلم. اهـ [1] .

قلت: وأما ما ورد في كلامه من قوله: ولو قيل له قلم أظافرك، أو قص شواربك فإنه سنة، فقال: لا أفعل وإن كان سنة كفر، قاله الرافعي عن أصحاب أبي حنيفة وتبعهم، وقال النووي: المختار أنه لا يكفر إلا أن يقصد استهزاء والله أعلم، فهذا صحيح لا غبار عليه، لأن العمل بالسنة لا يلزم كالواجب، ومن تركها بغير استهزاء فليس عليه شيء والله أعلم.

ولا يصح ذلك في الأقوال والأفعال المكفرة، لأنه كفر بمجرد الفعل ولا يشترط في ذلك الاستهزاء ولا غيره.

ومن الأمثلة الصارخة على الردة بالأقوال في زماننا هذا قول بعض العلمانيين - ممن يزعمون أنهم من أهل الفكر أو المثقفين - أن دين الإسلام لا يصلح للتطبيق في هذا الزمان أو أنه رجعية وتخلف أو أنه قانون قد عفى عليه الزمان أو أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين أو ما شابه ذلك من الأقوال التي انتشرت في زماننا هذا من بعض ممن ينتسب إلى الإسلام.

ومن ذلك أيضا سب الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو دينه أو الاستهزاء بالمسلمين بسبب

(1) كفاية الأخيار ج 2/ 123 ـ 124.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام