فهرس الكتاب
الصفحة 195 من 393

وكذلك كان الحسد والكبر في كفر أبي جهل وابن سلول، فإنهم لم يرتابوا في صدقه - صلى الله عليه وسلم -، ولكن حملهم الكبر والحسد على الكفر به - صلى الله عليه وسلم - ورد دعوته.

السبب الثاني: الرياسة والملك، وهذا كحال هرقل الذي ضن بملكه، وخاف عليه، ومنعه ذلك من اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما علم أن اتباعه سيذهب ملكه.

وهذا هو داء فرعون وقومه، فإنهم قالوا: {أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون} [1] ، وهذا داء أرباب الملك والرياسة والزعامة في كل زمان ومكان، وقلَّ من نجا منه من الملوك والرؤساء.

السبب الثالث: الشهوة والمال، وهو الذي منع كثيرا من أهل الكتاب من الإيمان خوفا من بطلان مأكلهم ومشربهم.

وهذا القدر في نفوس كثير من الكفار فيتفق داعي الشهوة والمال على رد داعي الهدى فيمنعه من الإيمان.

السبب الرابع: محبة الأقارب والأهل والعشيرة والدار والوطن، وهو يرى أنه إن اتبع الحق وخالفهم في دينهم أبعدوه وطردوه وأخرجوه من داره ومن بين أظهرهم، فيؤثر حبهم والمقام بينهم على الإيمان بالله ورسله والهجرة في سبيل الله، وهذا سبب بقاء خلق كثير من الناس على الكفر والشرك.

السبب الخامس: استعظام مخالفة الآباء والأجداد، وهو يرى أن ترك دين الآباء والأسلاف طعنا لهم وازدراء بهم وذما لهم، وهذا هو الذي منع أبي طالب وأمثاله من اتباع دين الله تعالى، وقول أبي طالب في ذلك معروف وقد سبق ذكره في تعريف الكفر.

السبب السادس: الإلف والعادة والمنشأ، فإن العادة قد تقوى حتى تقاوم داعي الهدى، وهذا السبب هو الغالب على حال كثير من الأمم الكافرة.

(1) سورة المؤمنون، الآية: 47.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام