تعالى {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ} [1] ، وكما قال المفسرون: أثبت الله لهم أعمالا ولكنه أهدرها، فدل على أنها أعمالٌ معتبرة صحيحة من حيث الظاهر، لكنها لما كانت مع الكفر لم تنفعهم.
ومن هذه الأدلة أيضا قوله تبارك وتعالى {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا} [2] ، وقوله تبارك وتعالى {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [3] ، إلى غير ذلك مما ورد في هذا المعنى.
ومسألة إحباط الكفر للإيمان والعمل الصالح إنما يكون بالكفر الأكبر الصريح، أما المحتملات فلا تدخل في هذا الكلام وإنما يجب حملها على عدم الكفر ثم يُتبين من قصد ونية المكلف فيها.
هذا وسيأتي مزيد بيان للفرق بين الصريح والمحتمل من الكفر في الكلام على عدة مسائل منها: حكم الساب، ومسألة الموالاة، ومسألة الحاكمية إن شاء الله تعالى.
وهذا آخر ما نذكره في الباب الثالث، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(1) سورة إبراهيم، الآية: 18.
(2) سورة الفرقان، الآية: 23.
(3) سورة يوسف، الآية: 106.